اسمي نيڤ سريچ ، عمري 35 عام من كفار سابا. في الأصل من موشاف حيبات تسيون ، حاصل على شهادة الدكتوراة في الرياضات من معهد فايتسمان ، أعمل في شركة نوفا لأجهزة القياس في رحوبوت وأعمل مدرسا لمادة الرياضيات في معهد التخنيون ومعهد فايتسمان .
بعد أن أنهيت سنة من الخدمة في حركة الشبيبة التابعة للاتحاد الزراعي في غور الأردن وأثناء انتظاري الالتحاق بالجيش ، سقط غاي ، أخي الأكبر في طولكرم ، عشية عيد العرش ، في أيلول 1996 خلال أحداث افتتاح النفق تحت المسجد الأقصى وقد كان ذلك قبل انهاء خدمته العسكرية بشهرين .
بعد أن خدم كقائد فصيل في سلاح المظليين وقائد قسم في كتيبة الناحل توجه غاي للخدمة كضابط في حرس الحدود حيث كان يشارك في الدوريات المشتركة مع الفلسطينيين في طولكرم تلك المدينة التي قتل فيها . حيث أن رصاصة من قناص فلسطيني أصابته عندما حاول إنقاذ الرقيب شيمعون ديان الذي قتل هو الآخر برصاص نفس القناص .
في اليوم الذي سقط فيه غاي تغيرت حياتي وحياة عائلتي كليا ، فالثكل والعزاء والشوق لغاي يرافقني ويرافق والديّ ، يغئال وتسوريت ، وشقيقتي ميخال يرافقنا بشكل دائم . بالنسبة لي فإن الحزن الأكبر ينتابني بسبب الاحساس بضياع الفرصة و” ماذا كان سيحدث لو … ” .
أنا اليوم متزوج وأب لطفل ( والآخر على الطريق) ، اختي متزوجة وهي أيضا أم لطفلة : الشوق للعائلة الكبيرة والسعيدة التي كان يمكن أن تكون مع غاي وعائلته يرافقني منذ سقوطه وحتى اليوم .
الانضمام لمنتدى العائلات الثكلى الإسرائيلي فلسطيني فتح أمامي أفاق للأمل ، وجعلني ألتقي بأصدقاء جدد وقصص شخصية لإسرائيليين وفلسطينيين ممن فقدوا أقربائهم نتيجة للصراع وبالرغم من كل ذلك وافقوا على الانفتاح للطرف الآخر بدافع الرغبة الحقيقية في الاصغاء والحوار .
التعرف المباشر مع الشركاء الفلسطينيين علمني درسا في الانسانية ، في معرفة الآخر ، وقلص اليأس الذي انتابني وجعلني أدرك بأنه بالرغم من الرأي السائد في المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني أن هناك من نتحدث معه وعما نتحدث عنه.
أدركت بأن إحساس اليأس ، عدم الثقة ، والجهل ( الذي كنت أعيشه أنا أيضا ) موجود لدى الشعبين . وأن الحوار وحده هو الذي سيصنع شرخا في هذه الأسوار ويؤدي إلى مصالحة حقيقية وبداية حل ( كما يحدث بالفعل بين أعضاء المنتدى ) .
يهمني جدا أن اسمع من شركائي الفلسطينيين عن الاحتياجات ، الرغبات ، والرأي العام الفلسطيني ، كي افهم الاتجاهات والطرق الممكنة للحل . هم من جانبهم يبدون تفهما كبيرا للاحتياجات والرغبات ومخاوف شعبي ومخاوفي كصهيوني ناشط في المجتمع الفلسطيني . هذا الاصغاء والاستعداد المتبادل يثبت لي في كل مرة من جديد بأن هناك امل في الحل والحياة المشتركة للشعبين جنبا إلى جنب .
نحن نُحضر الأمل والشراكة والتفاهم المتبادل والسعي للسلام والتأييد المطلق للاعنف إلى المدارس خلال محاضراتنا المشتركة. ردود فعل الطلاب هي ناقدة ومثيرة . ففي نهاية كل محاضرة يشعرني الطلاب بأهمية وفعالية هذا اللقاء المباشر مع ناشط سلام فلسطيني أشركهم في حياتهم المعقدة وبإيمانه بالسلام والتعاون بالرغم من المأساة الشخصية التي مر بها .
وكما نقول ونعيد أمام الطلاب : إذا ما كان بإمكاننا نحن أعضاء المنتدى الذين فقدنا الأغلى من كل شيء أن نتحدث ونتعاون فإن بإمكان أي شخص آخر بل وهو واجب عليه .